الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاجتماع الرجال والنساء في مكان واحد، ليس ممنوعًا بإطلاق، ولا مباحًا بإطلاق، ولكن الحكم يختلف حسب انضباط هذا الاجتماع بالضوابط الشرعية، أو عدم انضباطه، وراجع الفتوى رقم: 195111.
وبناءً على هذا؛ تختلف الفتاوى، ويختلف كلام أهل العلم على الاختلاط بين مانع ومجيز، فحيث كان الاجتماع منضبطًا بضوابط الشرع، كان جائزًا، وحيث اشتمل على ما يخالف الشرع، كالتبرج، والتماس، والخضوع بالقول، ونحو ذلك، فهو محظور.
وأمّا جلوسك في المطاعم مع أمّك وهي كاشفة وجهها وكفيها؛ لاعتقادها جوازه، وأنت تعتقد عدم الجواز، فبعض أهل العلم يرى جواز ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ...إذا كان الإنسان يفعل الفعل وأنت ترى أنه حرام، وهو يرى أنه مباح، فهل يجوز أن تبقى معه؛ لأنه فعل محرمًا عندك، أم لا يجوز؟ ... فهل العبرة باعتقاد الفاعل، أو باعتقاد الجالس؟
الذي يظهر لي: أن العبرة باعتقاد الفاعل، فإذا كان يرى أنه حلال، وليس فيه نص واضح يُبْطِل اجتهاده، فالعبرة في فعله. اهـ.
وأمّا عن أختك التي تكشف زينتها للأجانب، فإنّك إذا نهيتها عن ذلك، وبينت لها حكم الشرع، فلا إثم عليك -إن شاء الله- وراجع الفتوى رقم: 340687.
وننبه إلى أنّ التكلّف في السؤال، وكثرة التشقيق في المسائل، أمر مذموم شرعًا، وفيه إضاعة لوقت السائل والمسؤول، قال ابن القيم -رحمه الله- واصفًا حال الصحابة -رضي الله عنهم- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولكن إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم من الواقعات، ولم يكونوا يسألونه عن المقدرات، والأغلوطات، وعضل المسائل، ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها، بل كانت هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به، فإذا وقع بهم أمر سألوا عنه، فأجابهم.
والله أعلم.