الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين ما ورد في عقوبة من ينام عن الصلاة المكتوبة، وما ورد في عقوبة من يرفض القرآن الكريم حتى نحتاج إلى الجمع بين ما ورد فيهما، فقد ورد في عقوبة من يرفض القرآن ومن ينام عن الصلاة المكتوبة ما جاء في حديث سمرة الذي أشرت إليه، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالاَ لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، وَإِنَّا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ، فَيَأْخُذُهُ، فَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى، قال: قلت: لهما سبحان الله، ما هذا؟.. قالا لي: إنا سنخبرك.. أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ـ أي: يترك حفظ حروفه، والعمل بمعانيه ـ قاله ابن بطال ـ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ المَكْتُوبَةِ... الحديث رواه البخاري، وغيره.
وعند الطبراني في المعجم الكبير بلفظ: أَمَّا الَّذِي فِي يَدِهِ صَخْرَةٌ يَضْرِبُ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ: فَأُولَئِكَ الَّذِينَ يَنَامُونَ عَنِ الصَّلاةِ.
فالعقوبة المذكورة هنا يعاقب بها من تعمد النوم عن الصلاة، كما يعاقب بها من أعرض عن القرآن، ولا تعارض بين ذلك، فقد يعاقب العصاة بعذاب واحد، كما في عقوبتهم بالنار، وقد يعاقبون بأنواع من العذاب مختلفة، كما ورد في هذا الحديث الذي اقتصرنا على محل الشاهد منه، -نسأل الله العافية-.
والله أعلم.