الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمشروع التنفيس للمريض في الأجل، وإدخال السرور عليه بالكلام الطيب، وتحسين ظنه بربه تعالى، وتقوية رجائه فيه سبحانه، قال في غذاء الألباب: يَسْأَلُ الْعَائِدُ الْمَرِيضَ عَنْ حَالِهِ نَحْوُ: كَيْفَ تَجِدُك؟ وَيُنَفِّسُ لَهُ فِي أَجَلِهِ بِمَا يُطَيِّبُ بِهِ نَفْسَهُ إدْخَالًا لِلسُّرُورِ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْفُرُوعِ. انتهى.
قال القاري في المرقاة: «إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ») أَيْ: أَذْهِبُوا حُزْنَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَجَلِهِ، بِأَنْ تَقُولُوا: لَا بَأْسَ طَهُورٌ، أَوْ يُطَوِّلُ اللَّهُ عُمْرَكَ، وَيَشْفِيكَ وَيُعَافِيكَ، أَوْ وَسِّعُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَيُنَفَّسُ عَنْهُ الْكَرْبُ، وَالتَّنَفُّسُ: التَّفْرِيجُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ: طَمِّعُوهُ فِي طُولِ عُمْرِهِ، وَاللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ. انتهى.
فإذا علمت هذا؛ فإن في المشروع غنية وكفاية عن غير المشروع، ففي هذه الكلمات، ونحوها، كقولك للمريض: لا بأس -إن شاء الله-، والله قادر على أن يشفيك، ويزيل علتك، وقد شفى الله مرضى كثيرين كانوا مبتلين بأكثر مما ابتلاك الله به، ونحو ذلك من الكلام، ما يكفي ويغني عن الكذب.
ومن ثم؛ فلا يجوز الكذب والحال ما ذكر؛ لأنه لا ضرورة، ولا حاجة تدعو إليه.
والله أعلم.