الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن حق أمّكم هذه عليكم برّها، والإحسان إليها، لا سيما أنها قد بلغت هذا السن من الكبر، فتتأكد منكم هذه المعاني تجاهها، فقد قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}.
وثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما، أو كليهما، فلم يدخل الجنة.
ومعنى رغم أنفه: أصاب أنفه الرغام، وهو كناية عن الذل، والهوان. كما قال المناوي في فيض القدير.
ومن أهم ما يكون به برّها صبركم عليها، والحذر من أن يصدر منكم أي شيء من التضجر تجاهها، فإن هذا يؤدي إلى العقوق، وأعظم به من ذنب موجب لسخط الله وعقابه، وإن كانت أمكم فعلًا قد أصابها الخرف بحيث أصبحت لا تعقل، فهي غير مؤاخذة عند رب العالمين؛ لفقدانها أهلية التكليف ـ العقل ـ فكيف تؤاخذها ابنتها بتصرفاتها، ففي الحديث الذي رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه عن علي ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. وهذا اللفظ لأبي داود.
ومناقشتكم أمكم في موضوع اتهامها حفيدتها بالسرقة ـ والحال ما ذكر عنها ـ ليس بذي جدوى، بل قد يكون مجرد مفسدة، فينبغي اجتنابه بكل حال.
والله أعلم.