الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا لا ندري ما وجه هذا الاشتراط، هل هو لقبولها ورضاها بزواج زوجها من أخرى، أم لاعتقادها أنه لا يصح زواجه من أخرى إلا برضاها، أم إنه لشيء آخر؟ وعلى كل، فليس من حق المرأة أن تشترط على زوجها أي شرط لقبولها بزواجه من أخرى، فالله عز وجل قد أذن له في ذلك، فقال سبحانه: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، فلم يجعل رب العزة والجلال لذلك إلا شرطا واحدا وهو العدل، وغاية ما لها هنا هو أنها إن كانت قد اشترطت عليه عند عقده عليها أن لا يتزوج عليها، فيحق لها عدم القبول بالبقاء معه، على خلاف بين أهل العلم فيما يوجبه ذلك الشرط، كما في الفتوى رقم: 1357.
أما زواجه من الأخرى، فصحيح على كل حال. هذا بالإضافة إلى أن هذا الشرط قد يترتب عليه محذور، وهو أن تمنع المرأة أولادها من التواصل مع إخوانهم من الزوجة الثانية في مستقبل الأيام، مما قد يترتب عليه الإعانة على قطيعة الرحم، والله عز وجل يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وغالبا ما يكون الدافع إلى مثل هذا الاشتراط المذكور بالسؤال، مجرد الغيرة. وغيرة الزوجة على زوجها عند إقدامه على الزواج من أخرى، من الأمور الطبيعية، التي لم تسلم منها حتى أمهات المؤمنين، ولكن المطلوب حينئذ الحذر من أن تحمل هذه الغيرة المرأة على ما لا ينبغي لها، فلتتق الله، ولتصبر، وتسأل ما لها على زوجها، وتؤدي ما له عليها، ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 27662، وهي عن الحقوق بين الزوجين.
والله أعلم.