الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حزن المسلم لمصيبة أصابته في دينه أو بدنه أو أصابت مجتمعه وأمته لا يتنافى مع الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، فقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم وتألم قلبه وذرفت عيناه لمضض المصيبة، وهكذا الصحابة والسلف الصالح، ولكنهم راضون بقضاء الله وقدره ولا يقولون إلا ما يرضي الله تبارك وتعالى.
ولكن حزن المسلم لمصيبة نزلت به أو بأمته لا يجوز أن يصل إلى حد اليأس والقنوط، فاليأس والقنوط قرينان للكفر والضلال. قال الله تعالى: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ[يوسف:87]، وقال تعالى: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ[الحجر:56].
والرضا بالقضاء واجب، ولكن الرضا بالمقضي به ربما لا يكون واجبًا، بل ربما كان الرضا بالمقضي حرامًا إذا كان المقضي به حرامًا، كأن يكون المقضي به كفرًا أو فسقًا أو ظلمًا أو معصيةً.
وعلى هذا فلا يجوز أن نرضى بما وصل إليه المسلمون اليوم من ضعفٍ وذلٍ وهوانٍ وتركٍ للدين واتباعٍ للهوى والشهوات.
والمسلم يحزن لذلك أشد الحزن، ولكن يجب أن لا يكون سلبيًّا، وأن يكون حزنه وألمه دافعاً له إلى أن يصلح ما استطاع إصلاحه، وأن ينبِّه إخوانه على ما يرتكبونه من أخطاء وما يحيط بهم من أخطار، فإن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس. رواه
أحمد.
فمن حزن لمآسي المسلمين وعمل لتغييرها فإنه مأجور إن شاء الله تعالى.
وأما تمني الموت فإنه لا ينبغي فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال:
لايتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لابد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي. رواه
البخاري.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
31781.
والله أعلم.