الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنا لابد من التفريق أولا بين الحكم التكليفي الذي يلزم المسلم في كل مسألة على حدتها، وبين مصير هذا المسلم إن أطاع الله أو عصاه في هذه المسألة بعينها، ومن هذه المسائل مسألة: ستر العورة، سواء للمسلم أو للمسلمة، فيمكن أن يستر المسلم عورته ويدخل النار بسبب ذنوب أخرى، كما يمكن أن يبدي عورته ويدخل الجنة بسبب طاعات أخرى. والقاعدة عند أهل السنة في كبائر الذنوب أن أصحابها تحت مشيئة الله، إن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم، ولا يمكننا الجزم بمصير أحد منهم.
وبالنسبة للمرأة المسلمة فإنه يجب عليها ستر عورتها التي يحرم إظهارها عند الرجال الأجانب عنها، وهذا الحكم متفق عليه من حيث الإجمال، ويكاد الخلاف أن ينحصر في وجه المرأة وكفيها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 306865.
وإنكار أصل وجوب الحجاب فساد عظيم، وضلال مبين، واتباع لغير سبيل المؤمنين، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا {النساء: 115}.
ووجوب أصل الحجاب يصل إلى حد المعلوم من الدين بالضرورة في أكثر بلاد المسلمين، فإنكاره مزلة عظيمة قد تبلغ بصاحبها خلع ربقة الإسلام ـ والعياذ بالله ـ فهو على خطر عظيم، ومع ذلك، فلا نستطيع الحكم على واحد بعينه بمقتضى ذلك، لاحتمال وجود مانع، كالجهل في بيئات معينة، وحداثة الإسلام، أو تأويل ولو بعيد، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 206329.
ونعتذر للأخت السائلة عن مشاهد محتوى الرابط الذي أرفقته بسؤالها.
والله أعلم.