الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغربة الدين أمر واقع في كثير من بقاع الأرض، والصبر على ذلك وإن كان شديدا على النفس، إلا أن معرفة أجره وعاقبته تيسره على من وفقه الله وألهمه رشده، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيه مثل قبض على الجمر، للعامل فيهم مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله. قيل: يا رسول الله: أجر خمسين منهم؟ قال: أجر خمسين منكم. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المتمسك بسنتي عند اختلاف أمتي، كالقابض على الجمر. رواه الحكيم الترمذي، وحسنه الألباني.
ولا يخفى حكم المعاصي والمخالفات التي تكثر في زمن الغربة، والمنكرات التي تقع من أصحابها تجاه المتمسكين بدينهم، إلا أن الصابر المحتسب ينبغي له أن يأخذ بأيدي من يستطيع من العصاة، ويرشدهم إلى ما فيه فلاحهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، من التمسك بدين الله تعالى والالتزام بحدوده وأخلاقه، ويصبر في هذا السبيل على ما يناله من الأذى، فقد قال رسول الله النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، أعظم أجرا من الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.
وقد سبق لنا ذكر بعض الإرشادات الهادية لمن وقع في هذه الغربة، وذلك في الفتوى رقم: 133251. وراجع في شرح حديث "بدأ الإسلام غريبا" الفتوى رقم: 39281.
والله أعلم.