الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلعلك تشير إلى الملحمة التي ستقع بين المسلمين, والروم, وقد جاء ذكرها في صحيح مسلم, وغيره عن يُسَير بن جابر، قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هِجِّيرى إلا: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكئا، فقال: إن الساعة لا تقوم، حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال: بيده هكذا - ونحاها نحو الشأم - فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام، قلت: الروم تعني؟ قال: نعم، وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت، لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء، كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع، نَهَد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم... إلى آخر الحديث الطويل.
أما بخصوص سؤالك: فعلى افتراض أن أولئك المسلمين قد علموا بمضمون هذا الحديث, فإن الله تعالى قد قدَّر, وكتب أنهم سيقاتلون الروم في هذه الأيام الأربعة، والله تعالى لا راد لقضائه، ولا غالب لأمره، ولا معقب لحكمه, ومن كتب الله تعالى له الشهادة من المسلمين سينالها لا محالة، وقد قال الله تعالى: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ {آل عمران:154}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي: هذا قدر مقدر من الله عز وجل، وحكم حتم لا يحاد عنه، ولا مناص منه. انتهى.
وفي تفسير البيضاوي: أي لخرج الذين قدر الله عليهم القتل وكتبه في اللوح المحفوظ إلى مصارعهم، ولم تنفعهم الإِقامة بالمدينة ولم ينج منهم أحد، فإنه قدر الأمور ودبرها في سابق قضائه، لا معقب لحكمه. انتهى.
والله أعلم.