الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس هذا السؤال إلا من أثر الوسوسة، التي إن تبعها صاحبها أفسدت عليه فكره، وكدَّرت عليه حياته! وقد سبق أن أجبنا الأخ السائل مرارا عن موضوع سؤاله هذا بما يكفي ويزيد، ولذلك لا نرى أن زيادة التفصيل تنفعه، بل قد تضره، وحسبه أن يرجع إلى جواب أحد أسئلته السابقة، ويعيد النظر فيه دون تكلف ولا تعمق، كالفتوى رقم: 324118 وما أحيل عليه فيها. وكالفتوى رقم: 54133 التي بيَّنا فيها أن كلام الله تعالى قديم النوع، حادث الآحاد. وكالفتوى رقم: 132146 التي نبهنا فيها على أن وصف كلام الله تعالى بالقديم يعني أنه غير مخلوق، وأن المراد بالقدم جنس الكلام لا آحاده، فلم يزل عز وجل متكلما متى شاء بما شاء.
وهنا ننبه السائل على أن الخوف من الوقوع في الكفر والبدعة وإن كان أمرا محمودا، إلا إنه إذا خرج عن حد الاعتدال والتوسط يضر صاحبه ويوقعه في الحرج، ويصير مذموما، والوسوسة في المسائل الدقيقة أمرها صعب، ولذلك فإذا وجد السائل في نفسه ضعفا وتأثرا بالوسوسة، فعليه أن يكتفي بالإجمال في هذه المسألة، وحسبه أن يعتقد ما كان يعتقده الصحابة الكرام، والسلف الأُوَل من أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق، وأنه سبحانه يتكلم بما شاء، متى شاء. ثم يتوجه بعد ذلك بكل همته للانتفاع بالقرآن الكريم وهدايته وأحكامه، وذلك بتدبره، والعمل به، والدعوة إليه.
والله أعلم.