الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فرغم ضلال وكذب وجهل هؤلاء المدعين للمهدية، إلا إنه لا يسوغ، ولا يجوز الحكم عليهم بالكفر لمجرد ادعاء المهدية، فليس ذلك من أنواع الكفر الأكبر المخرج من الملة، وهو خمسة أنواع: كفر التكذيب، وكفر الاستكبار، وكفر الإعراض، وكفر الشك، وكفر النفاق، وراجع في بيانها الفتوى رقم: 38537.
ومما يبين ذلك أن ادعاء المهدية داء قديم، قد ابتلي به على مر الأزمان أناس كثيرون، لا يحصيهم إلا الله، ومع ذلك فلا نعرف أحدًا من أهل العلم حكم عليهم بالكفر لمجرد ادعاء المهدية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية: طوائف ادعى كل منهم أن المهدي المبشر به، مثل مهدي القرامطة الباطنية، الذي أقام دعوتهم بالمغرب، وهو من ولد ميمون القداح ... وممن ادعى أنه المهدي ابن التومرت، الذي خرج أيضا بالمغرب، وسمى أصحابه الموحدين ... ومثل عدة آخرين ادعوا ذلك: منهم من قتل، ومنهم من ادعى ذلك فيه أصحابه، وهؤلاء كثيرون لا يحصي عددهم إلا الله، وربما حصل بأحدهم نفع لقوم، وإن حصل به ضرر لآخرين ... وأعرف في زماننا غير واحد من المشايخ، الذين فيهم زهد وعبادة، يظن كل منهم أنه المهدي، وربما يخاطب أحدهم بذلك مرات متعددة، ويكون المخاطب له بذلك الشيطان، وهو يظن أنه خطاب من قبل الله. ويكون أحدهم اسمه أحمد بن إبراهيم، فيقال له: محمد وأحمد سواء، وإبراهيم الخليل هو جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبوك إبراهيم؛ فقد واطأ اسمك اسمه، واسم أبيك اسم أبيه. ومع هذا فهؤلاء - مع ما وقع لهم من الجهل والغلط - كانوا خيرًا من منتظر الرافضة، ويحصل بهم من النفع ما لا يحصل بمنتظر الرافضة، ولم يحصل بهم من الضرر ما حصل بمنتظر الرافضة، بل ما حصل بمنتظر الرافضة من الضرر أكثر منه. اهـ.
والله أعلم.