الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا التفسير المسند عن ابن عباس ليس فيه زيادة على ما دل عليه القرآن صراحة، فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته، ويدخلن قطعًا وجزمًا ويقينًا في قوله تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب: 33]، وهذا القدر لا يشك فيه من قرأ سياق الآيات في سورة الأحزاب، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى رقم: 108816.
وإنما المستفاد من السنة هو دخول غيرهن في هذه الفضيلة، مع كون السياق كان مع الأزواج خاصة، ولم يذكر غيرهن، فجاء في السنة ما يفيد تناول هذه الآيات لعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين -رضي الله عنهم جميعًا-.
والمقصود أن سياق الآيات يكفي وحده في ذلك.
وأما تضعيف أثر ابن عباس المذكور في السؤال فخطأ بين، وإلا فتضعيف عكرمة مولى ابن عباس ما هو إلا مجازفة، رغم ما قيل فيه مما لا يثبت، ويكفينا احتجاج الشيخين - البخاري ومسلم- به، وقد قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب: ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا تثبت عنه بدعة. اهـ.
وكذلك الحسين بن واقد، فقد روى له مسلم، والبخاري تعليقًا، وقال عنه الذهبي في الكاشف: قال ابن المبارك: من مثله؟ ووثقه ابن معين وغيره. وقال عنه ابن حجر: ثقة له أوهام.
وأما زيد بن الحباب فروى له مسلم، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام، وقال عنه الذهبي: الحافظ، لم يكن به بأس، قد يهم. وقال ابن حجر: صدوق، يخطئ في حديث الثوري.
وهذا ليس من حديثه عن الثوري، فمثل هذا الإسناد لا ينزل عن مرتبة الحسن؛ ولذلك أورد الذهبي هذا الأثر في سير أعلام النبلاء بإسناد حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ. قال: نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. ثم قال: إسناده صالح، وسياق الآيات دال عليه. اهـ.
وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيق السير: إسناده حسن. اهـ.
والله أعلم.