الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في الجمع والقصر للمسافر الذي يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام، وانظري أقوالهم في ذلك في الفتوى رقم: 5891.
ولا شك أن عدم الجمع، وأداء كل صلاة في وقتها، أفضل إذا لم تكن هناك ضرورة، أو حاجة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -وهو ممن ذهب إلى أن للمسافر الأخذ برخص السفر من القصر والجمع ما لم ينو الاستيطان، أو الإقامة المطلقة، سواء نوى إقامة أربعة أيام، أو أقل، أو أكثر-
قال في مجموع الفتاوى: وَفِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ كُلِّهِمْ. اهـ.
وكذلك إتمام الرباعية أفضل أيضا للمسافر الذي يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام، خروجا من خلاف العلماء، وقول كثير منهم بوجوب الإتمام.
قال ابن تيمية في الفتاوى: وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ -من أربعة أيام- فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ. اهـ.
لذلك ننصحك في المستقبل بعدم القصر، وبأداء كل صلاة في وقتها ما أمكنك ذلك.
وأما ما فعلت من الصلوات جمعا وقصرا طيلة المدة المذكورة، بناء على ما فهمت من الفتاوى، أو على قول بعض أهل العلم، فلا حرج عليك فيه -إن شاء الله تعالى- ولا تلزمك إعادتها، بناء على قول بعض أهل العلم بصحة الصلاة -كما رأيت في الفتوى المشار إليها- وهو قول معتبر؛ لقوة دليله، وإن خالف مذهب كثير من العلماء؛ فإن الأخذ بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل، ومشقة التدارك، مما سوغه كثير من العلماء، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125010.
هذا، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يرشدكم لما فيه صلاح دينكم ودنياكم.
والله أعلم.