الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهناك أعمال من عمل بها، كتب من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، منها صلاة الليل؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كُتِبَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ. رواه أبو يعلى في مسنده، وصححه حسين أسد.
وروى الدارمي في سننه عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ، كُتِبَ مِنَ الذَّاكِرِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِمِائَةِ آيَةٍ، كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَرَأَ بِخَمْسِمِائَةِ آيَةٍ إِلَى الْأَلْفِ، أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ مِنَ الْأَجْرِ. صححه حسين أسد.
وروى أبو داود في سننه وغيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: من قام بعشر آيات، لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية، كتب من القانتين، ومن قام بألف آية، كتب من المقنطرين.
فعلى من أراد أن يكون من الذاكرين الله كثيرا، أن يقتدي في ذلك بنبينا صلى الله عليه وسلم، فقد كان يذكر الله في كل أحيانه، وعلى كل أحواله، فعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يذكر الله في كل أحيانه. رواه أحمد. قال الشيخ حسين أسد: إسناده صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل. رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني. وانظر الفتوى رقم: 50694، ورقم: 35356، ورقم: 31383.
ومع ذلك، فإن ذكر الله تعالى يكون في كل عمل صالح يقصد به وجه الله تعالى، كما قال عبد الله بن دادَّاه الشنقيطي في نظم فضل الذكر:
والذكر يطلق على كل عملْ به يراد وجهه عز وجلْ
وقال الشيخ صالح الفوزان في موقعه الرسمي حفظه الله: المؤمن يأنس بذكر الله، بالتسبيح والتهليل والتكبير، ذكر الله باللسان، وتلاوة القرآن، وأيضًا يطمئن قلبه بذكر الله بالأعمال الصالحة، بالصلاة والصيام، والحج وغير ذلك، فتنشرح صدورهم، وتطمئن قلوبهم بذكر الله عز وجل، وتستوحش من الغفلة، وعدم ذكر الله عز وجل، ولهذا قال سبحانه وتعالى: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ). انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 37130.
والله أعلم.