الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن ضابط المرض المبيح للفطر: هو ما إذا كان الصوم يزيد في المرض، أو يؤخر البرء، أو يجد المريض إن صام مشقة يشق احتمالها، فإن أخبر الطبيب المسلم الثقة بأن صوم ابنتك يضرها، فإنه يجوز لها الفطر.
جاء في كشاف القناع: (والمريض) غير الميؤوس من برئه (إذا خاف) بصومه (ضررا بزيادة مرضه، أو طوله) أي: المرض (ولو بقول مسلم ثقة، أو كان صحيحا فمرض في يومه، أو خاف مرضا لأجل عطش، أو غيره سُنَّ فطره، وكره صومه وإتمامه) أي: الصوم. اهـ.
وإن كان المرض يرجى برؤه، وغير ميؤوس منه: فإن الواجب هو القضاء إذا برِئ المريض من المرض، فالفدية إنما هي على من عجز عن القضاء تماما لكبر، أو مرض لا يرجى برؤه، وراجع الفتوى رقم: 263569.
وأما نوم البنت عن الصلاة بسبب تأثير الأدوية: فلا إثم عليها فيه -إن شاء الله- ما دامت محتاجة لتناول تلك الأدوية بوصية الأطباء الثقات، كما سبق في الفتوى رقم: 157489.
وأما مدى مسؤولية الرجل عن احتجاب زوجته، وبناته، فقد سبق الكلام عنها في الفتوى رقم: 191597، والفتوى رقم: 123610.
لكن المريضة النفسية لها خصوصية يجب أن تراعى، في طريقة نهييها عن التقصير في الحجاب، وفي التعامل معها إن لم تستجب، فتؤمر وتنهى بحسب الإمكان، ومدار الأمر على مراعاة المصالح، والموازنة بين مصلحة نهيها عما تقع فيه من مخالفة، وبين المفسدة المترتبة على ذلك، فيقدم الأعلى منهما.
قال ابن تيمية: فإن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هو الذي بعثت به الرسل، والمقصود تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان. فإذا كان الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر مستلزما من الفساد أكثر مما فيه من الصلاح، لم يكن مشروعا. اهـ.
وقال أيضا: فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان. ومطلوبها: ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا، ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا. اهـ.
والله أعلم.