الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن كانت التحية برفع اليدين خاليةً من التلفظ بلفظ السلام مع القدرة عليه حساً وشرعا، فقد جاء النهي عنها، وعدها من التشبه بالكفار، فقد روى التِّرْمِذِيُّ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْإِصْبَعِ، وَتَسْلِيمُ النَّصَارَى بِالْأَكُفِّ. اهـ
وأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ جَوَّدَهُ الحافظُ في الفتح عَنْ جَابِرٍ مرفوعا: لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ، فَإِن تسليمهم بالرؤوس وَالْأَكُفِّ وَالْإِشَارَةِ.
قال الحافظ في الفتح : وَالنَّهْيُ عَنِ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ مَخْصُوصٌ بِمَنْ قَدَرَ عَلَى اللَّفْظِ حِسًّا وَشَرْعًا، وَإِلَّا فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ لِمَنْ يَكُونُ فِي شُغْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ التَّلَفُّظِ بِجَوَابِ السَّلَامِ؛ كَالْمُصَلِّي وَالْبَعِيدِ وَالْأَخْرَسِ، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْأَصَمِّ. اهـ
ومن المهم أن يعلم المسلمُ أن الشرع جاء عموما بمنع التشبه بالمشركين في ما يختصون به، فهذا هو ضابط التشبه المنهي عنه شرعاً. فإذا اختص الكفار بشيء بحيث يظن من رآه أن صاحبه منهم فهذا هو التشبه المذموم؛ سواء في طريقة السلام، أو غير ذلك.
والله تعالى أعلم.