الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم نعم الله عليك أن وفقك إلى معرفة الحق ولزوم طريقه، وقد حُرِمَ ذلك من حُرِمَ من أمثالك من الفتيات، ولا شك أن النعمة تستوجب الشكر، ومن أهم ما يشكر به الرب في هذا المقام هو دوام الطاعة، والاستمرار على هذا النهج، ثم إن من سنن الله الكونية التي لا تتبدل سنة الابتلاء، قال الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3].والابتلاء دواؤه الصبر، فأنت الآن بين نعمة تستوجب شكراً، وابتلاء يستوجب صبراً، ولعل من أعظم ما يعينك على ذلك علمك أن هذا طريقك إلى الجنة وهو طريق محفوف بالمكاره كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حيث قال: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات. رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه.ويعينك على ذلك أيضاً يقينك بأن هذا سبيل أمهات المؤمنين الطاهرات، وغيرهن من الصحابيات المبرورات، فاثبتي على هذا النهج وسلي الله تعالى العون والصبر والثبات كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه.ثم اعلمي أن بإمكانك اجتنابهم وصلتهم في آنٍ واحد، ولا شك أن هذا أولى وأفضل، مع استغلال هذه الصلة في دعوتهم إلى الخير، وحيث خشيت أن يترتب على صلتهم ضرر في دينك، فالأولى الابتعاد عنهم مع صلتهم بوسائل أخرى مثل الاتصال بالهاتف أو السؤال عنهم أو الإهداء إليهم ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة نحيلك على الفتوى رقم: 17037.
والله أعلم.