الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد للمسلم أن يعتقد -جازمًا- أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لكل شيء، كما قال سبحانه وتعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ {الزمر:62}، وأنه لا يحصل شيء في الكون إلا بقضائه وأمره وقدره، كما قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}
والحديث المشار إليه حديث صحيح رواه مسلم، وغيره، ومعناه كما قال العلماء: والخير كلُّه في يديك؛ أي: كلُّه عندك، لا يُدرَك منه شيءٌ ما لم تسبق به كلمتُك.
ومعنى: والشر ليس إليك؛ لا يُتقرَّب به إليك، ولا يُضاف إليك على الانفراد، وهذا لرعاية الأدب؛ فالشر وإن كان من مخلوقات الله تعالى، فإنه لا ينسب إليه، أو لا يتقرب به إليه، جاء في كتاب: المفاتيح في شرح المصابيح للمظفري الحنفي: والشرُّ ليس ممَّا يُتقرَّبُ به إليك، أو الشر لا يصعد إليك، وإنما يصعد إليك الطيب، وهو الخير، وقيل: معناه: والشرُّ لا يُضافُ إليك لحسن الأدب، ألا ترى أنه لا يقال لله: يَا خالق الخنازير، وإن كان خالقها؟! لأنه ليس في هذا اللفظ تعظيمٌ، بل يقال: يَا خالق البريات، فكذلك هو خالقُ الخيرِ والشرِّ جميعًا، ولكن لا يقال: يَا خالق الشر، كما قال إبراهيم خليل الرحمن -عليه السلام-: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} أضاف الخلق، والإطعام، والسقي إلى الله تعالى؛ لما فيها من التعظيم، وقال: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} أضاف المرضَ إلى نفسه؛ لما ليس فيه من التعظيم. اهـ
والله أعلم.