الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تنصحي أباك بالتوبة إلى الله تعالى مما وقع فيه من الكسب الحرام، أما انتفاعك بماله لحاجتك إلى النفقة، فهو جائز.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- هذا السؤال: سؤالي يا فضيلة الشيخ: أن أبي -غفر الله له- يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله، وأكلنا، وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر، وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي، ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة، مع أننا عائلة كبيرة، أم إنه ليس على أختي النفقة علينا، فنأخذ النفقة من أبي؟ أفتنا جزاك الله خيراً، وحفظك.
فأجاب -رحمه الله-: أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء، وعليه العناء؛ لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال، وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق..." اللقاء الشهري.
وإذا عملت في وظيفة مباحة، فراتبك حلال -إن شاء الله- ولا يضرك كون النفقة على تعليمك، كانت من مال أبيك المحرم.
واعلمي أنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، في صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: ...يَا عبادي، إِنَّمَا هي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله-: فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ. جامع العلوم والحكم.
قال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم، وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. الجواب الكافي.
فعليكم بتجديد التوبة العامة، وكثرة الاستغفار.
والله أعلم.