الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يعتبر ما ذكر كفرا، فإن الإنس فيهم شياطين، وتشرع الاستعاذة من شرهم ووساوسهم، كما قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ* مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ* مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ {الناس: 1-6}.
ولو أن شخصا قال لآخر يا شيطان، أو يا كافر، فلا يعتبر ذلك كفرا، وما ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر بلفظ: أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. وزاد مسلم في رواية: إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه. وفي لفظ آخر عند مسلم: إذا كفر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما.
حمله أهل العلم على الكفر الأصغر، واستدلوا بحديث ثابت بن الضحاك عند البخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله. والقتل ليس كفراً، وقد شبه به تكفير المؤمن. راجع الفصل لابن حزم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة: فقد سماه أخا حين القول، وقد قال: فقد باء بها. فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية، لم يكن أخاه. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: هذه الأحاديث على وجه التغليظ، والتشبيه بالكفار، لا على وجه الحقيقة. انتهى.
هذا عن معنى الحديث، والمراد بالكفر فيه.
والله أعلم.