الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمهما كان والدك ظالماً لك، فإنّ ذلك لا يسقط حقه عليك، فحق الوالدين عظيم ولو أساءا، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، وانظر الفتوى رقم: 114460
فلا يجوز لك لعن والدك، فلعن الوالد من كبائر الذنوب، ومن أعظم العقوق، ففي صحيح مسلم عن علي -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ.."
ولا يجوز لك الدعاء عليه.
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- حين سئل عن الدعاء على الأب الظالم: لا يجوز لك الدعاء عليه، ولكن تقولين: اللهم اهده، اللهم اكفنا شره، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا بأس، أما الدعاء عليه، لا ..." اهـ.
أمّا كراهية القلب له بسبب ظلمه، فهذه لا مؤاخذة عليها، لكن الواجب ألا تحملك الكراهية على العقوق والاعتداء.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: نعم الأمر كما قالت السائلة، أن الإنسان لا يملك الحب أو البغض، فهو أمر يضعه الله تعالى في القلب، لكن الإنسان يجب عليه ألا يتأثر بهذا الحب إلا بمقدار الحكم الشرعي. اهـ.
وترك التصدق عنه ليس بحرام، لكن الواجب عليك التوبة إلى الله مما وقعت فيه من العقوق، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، وينبغي أن تتدارك ما فاتك من بر أبيك، وذلك بالدعاء والاستغفار له، والصدقة عنه، وصلة الرحم من جهته، وإكرام أصدقائه.
قال النووي -رحمه الله-: " ... ولكن ينبغي له بعد الندم على ذلك، أن يُكثر من الاستغفار لهما والدعاء، وأن يتصدق عنهما إن أمكن، وأن يكرم من كانا يحبان إِكرامَه: من صديق لهما ونحوه، وأن يصلَ رَحِمَهما، وأن يقضي دَيْنهما، أو ما تيسر له من ذلك. فتاوى النووي.
وانظر الفتوى رقم: 18806.
والله أعلم.