الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة. متفق عليه.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله. رواه مسلم وغيره، وفي رواية الترمذي: من شهد العشاء في جماعة، كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان له كقيام ليلة. وفي رواية أبي داود: من صلى العشاء في جماعة، كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان كقيام ليلة.
وعلى ذلك، فإن من أدرك ركعة من صلاة العشاء، وركعة من صلاة الفجر؛ يعتبر قد صلاهما في جماعة، وبالتالي يكون كمن قام الليل كله.
ومن أدرك ركعة من العشاء، يكون كمن قام نصف الليل بالنص؛ لأنه أدرك الصلاة في الجماعة، كما جاء في الحديث.
أما من أدرك ركعة من صلاة الفجر فقط؛ دون أن يصلي العشاء مع الجماعة، أو يدرك منها ركعة؛ فلا شك أنه أدرك فضل الجماعة في الفجر، وبالتالي فإن ظاهر رواية مسلم أنه يكون كمن قام الليل كله، وقيل: إنما يحصل له ذلك بمجموع الصلاتين؛ لأن رواية مسلم محمولة على روايتي أبي داود والترمذي وقيل: يحصل بصلاة الصبح خاصة قيامُ ليلة؛ لاحتياج شهودها لجهد.
جاء في كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي: وَظَاهر قَوْله: "وَمن صلى الصُّبْح فِي جمَاعَة، فَكَأَنَّمَا صلى اللَّيْل كُله" أَن هَذِه الصَّلَاة وَحدهَا تفي بِثَوَاب قيام اللَّيْل كُله؛ لِأَن مصليها فِي جمَاعَة يحْتَاج إِلَى الانتباه بِوَقْت يُمكنهُ فِيهِ التهيؤ للصَّلَاة وَإِدْرَاك الْجَمَاعَة، وَالنَّوْم حِينَئِذٍ مستلذ... فَلذَلِك نَالَ مصلي الصُّبْح فِي جمَاعَة، ضعف ثَوَاب من صلى الْعشَاء فِي جمَاعَة، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله: فَكَأَنَّمَا صلى اللَّيْل، من يُصَلِّي الْعشَاء وَالْفَجْر فِي جمَاعَة، فَتكون كل وَاحِدَة بِنصْف اللَّيْل. اهـ.
والله أعلم.