الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يشك فيك لمجرد عدم وجود البكارة، فإنه مخطئ بذلك، ومسيء إساءة بالغة، فزوال غشاء البكارة أسبابه متعددة ـ غير الوطء ـ كالحيض والوثبة وغيرهما، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: زوال البكارة من المرأة، لا يعني أنها كانت فاسدة، إذ قد يكون زوال بكارتها لسبب غير الجماع كعادتها هي، أو سقوطها، أو قفزتها، أو ما أشبه ذلك، وليس معنى ذلك أنني أفتح بابًا للفتيات بالعبث، ولكنني أريد أن أزيل شبهة تقع للزوج في مثل هذه الحال. اهـ.
ومثل هذا التفكير يفتح الباب للشيطان لتسوء العشرة، وتحصل النفرة، ويكون السباب والشتائم، وتفسد الحياة الزوجية، وهذا عكس مقصد الشرع من الزواج، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
روى مسلم عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ـ قال ـ فيدنيه منه ويقول نعم أنت.
وقد ترجم عليه في صحيح مسلم: باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس ـ فينبغي التنبه لهذا والعمل بعكس مقصود الشيطان.
فاصبري على زوجك، وأكثري من الدعاء بأن يرزقه الله تعالى الرشد والصواب، فالله عز وجل قادر على أن يصلحه فالقلوب بيديه، كما روى عبد الله بن عمرو بن العاص يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء.
فأكثري له من الدعاء، وأحسني الظن بربك، واحرصي على مناصحته بأسلوب حسن، وذكريه بالله تعالى والوقوف بين يديه للحساب، وإن اقتضى الأمر تدخل العقلاء، ورجوت أن تكون في ذلك مصلحة فافعلي، ونوصيك بأن لا تجعلي للشيطان مدخلا على نفسك بمثل عبارة: سئمت الحياة، ونحوها، فقد تكون عواقبها وخيمة، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من ذكر الله لتهدأ نفسك، ويطمئن قلبك، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
واستعيني بالصبر، فعاقبته خير، وانظري الفتوى رقم: 18103، ففيها بيان فضل الصبر.
والله أعلم.