الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها بغير إذنه إلا لعذر كحاجة لا تحصل بغير الخروج أو ضرر يلحقها من البقاء في البيت، وراجع الفتوى رقم: 95195.
أمّا مجرد بغض الزوج والنفور منه، فلا يبيح للمرأة ترك بيته والامتناع من الرجوع إليه، وانظر الفتوى رقم: 205792.
وعليه، فإن كانت المرأة ممتنعة من الرجوع إلى بيت زوجها لمجرد بغضها إياه ونفورها منه، فلا حقّ لها في ذلك، وهي ناشز بهذا الامتناع آثمة به، أمّا إن كان لها عذر كخوفها على نفسها من إيذاء الزوج لها بالضرب المبرّح مثلاً فهي معذورة وليست ناشزاً، فهذا ما يتعلّق بالزوجة.
أمّا الزوج: فينبغي عليه أن يجيب المرأة إلى الخلع مادامت مبغضة له، ولا ينبغي أن يمتنع من مخالعتها حتى لو امتنعت هي من الرجوع لبيته، لعدم ظهور مصلحة في إمساكها على هذه الحال.
واعلم أنّ الأصل في الخلع أن يتمّ برضا الزوجين، لكن في حال تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها، وامتناع الزوج من مخالعتها، فالراجح عندنا أنه يجوز للقاضي أن يحكم بالخلع، ولو لم يرض الزوج، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 105875، ورقم: 126259.
وفي البلاد غير الإسلامية التي ليس بها محاكم شرعية، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام المحكمة الشرعية، جاء في بيان لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا: المحور السابع: مدى الاعتداد بالطلاق المدني الذي تجريه المحاكم خارج ديار الإسلام: بين القرار أنه إذا طلق الرجل زوجته طلاقا شرعيا، فلا حرج في توثيقه أمام المحاكم الوضعية، أما إذا تنازع الزوجان حول الطلاق، فإن المراكز الإسلامية تقوم مقام القضاء الشرعي عند انعدامه بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة، وأن اللجوء إلى القضاء الوضعي لإنهاء الزواج من الناحية القانونية لا يترتب عليه وحده إنهاء الزواج من الناحية الشرعية، فإذا حصلت المرأة على الطلاق المدني، فإنها تتوجه به إلى المراكز الإسلامية، وذلك على يد المؤهلين في هذه القضايا من أهل العلم لإتمام الأمر من الناحية الشرعية، ولا وجه للاحتجاج بالضرورة في هذه الحالة لتوافر المراكز الإسلامية وسهولة الرجوع إليها في مختلف المناطق. انتهى.
وعليه، فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنه إن تبين لكم تضرر الزوجة من البقاء مع زوجها، وامتنع الزوج من مخالعتها، فلكم في هذه الحال أن تحكموا بالخلع.
والله أعلم.