الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مشاركة المسلم لغير المسلم في التجارة جائزة مع الكراهة، وللعلماء في ذلك ضوابط، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا يمنع اختلاف الدين قيام الشركة بين المسلم والكافر، واشترط المالكية والحنابلة ألا ينفرد الكافر بالتصرف، لأنه يعمل بالربا ولا يحترز مما يحترز منه المسلم، قال الحنابلة: وما يشتريه الكتابي أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة، فإنه يقع فاسدا وعليه ضمانه، وقال المالكية: شركة الذمي لمسلم صحيحة بقيد حضور المسلم لتصرف الكافر، وأما عند غيبته عنه وقت البيع والشراء فلا يجوز، ويصح بعد الوقوع، وبعد ذلك إن حصل للمسلم شك في عمل الذمي بالربا استحب له التصدق بالربح فقط، لقوله تعالى: فلكم رءوس أموالكم ـ وإن شك في عمله بالخمر استحب له التصدق بالربح ورأس المال جميعا، لوجوب إراقة الخمر على المسلم، وإن تحقق وجب التصدق، وذكر الحنابلة أن الذمي المجوسي تكره مشاركته أصلا وتصح بالقيود السابقة، والشافعية يعممون الكراهة في مشاركة كل كافر. اهـ.
وفي كشاف القناع من كتب الحنابلة: وتكره مشاركة مجوسي ووثني ومن في معناه ممن يعبد غير الله تعالى وظاهره: ولو كان المسلم يلي التصرف، قال أحمد في المجوسي: ما أحب مخالطته ومعاملته، لأنه يستحل ما لا يستحل هذا، وكذا تكره مشاركة كتابي ولو غير ذمي، لأنه يعمل بالربا، إلا أن يلي المسلم التصرف، فلا تكره للأمن من الربا، ولما روى الخلال بإسناده عن عطاء قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون الشراء والبيع بيد المسلم. اهـ.
ومن باب أولى أن تكون مشاركة المسلم غير محرمة، وإن كان فاسقا، وانظري الفتوى رقم: 106712.
وكذلك بيع شيء ذي قيمة عالية لغير المسلم ليس بمحظور شرعا، ولا يخرج عن الحكم العام من جواز التعامل مع الكفار بيعا وشراء، كما سبق في الفتوى رقم: 197951.
وأما: هل تجب الصدقة مثلا لتطهير هذه الأموال خصوصا إذا لم يكن معروفا مصدرها ـ فلا تجب الصدقة لمجرد عدم معرفة مصادر الأموال، فإن الأصل أن ما في أيدي الناس من أموال مملوكة لهم، وانظري الفتوى رقم: 155301.
والله أعلم.