الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فزواج المسلم من النصرانية جائز بشرط كونها عفيفة ـ أي: ليست زانية ـ لقوله تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5} أي: العفيفات.
والزواج له شروطه التي يجب أن تتوفر فيه حتى يكون صحيحًا، وهذه الشروط بيناها في الفتوى رقم: 1766.
ومن أهم هذه الشروط الولي، والشهود، فإذا توفرت هذه الشروط كان زواجًا صحيحًا، سواء سمي عرفيًّا أم لا، وإن اختل فيه شرط منها فهو زواج فاسد، وراجع في الزواج العرفي الفتوى رقم: 5962.
ويتولى تزويج النصرانية وليها من أهل دينها، فإن لم يوجد يزوجها أساقفتهم في قول بعض العلماء، أو القاضي الشرعي في قول البعض الآخر.
والحاصل أنه لا يجوز الزواج منها بغير ولي، أو من يقوم مقامه عند فقده، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: وأما الكافرة فيزوجها وليها الكافر، ولو لمسلم، فإن لم يكن للكافرة ولي خاص كافر، فأساقفتهم، فإن امتنعوا ورفعت أمرها للسلطان جبرهم على تزويجها؛ لأنه من رفع التظالم. اهـ.
وقال ابن قدامة في الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل: ولا يلي مسلم كافرة؛ لقوله تعالى: والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ـ إلا السلطان فإنه يلي نكاح الذمية التي لا ولي لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السلطان ولي من لا ولي له. اهـ.
وإذا تيسر لك الزواج منها فذاك، وإلا فكن على حذر منها، فإنها أجنبية عليك، هذا مع العلم بأن الأفضل للمسلم على كل حال أن يتزوج من امرأة صالحة تعينه على تربية أبنائه على عقيدة، وأخلاق الإسلام، وفي الزواج من الكتابيات كثير من المحاذير الشرعية ذكرنا طرفًا منها في الفتويين رقم: 5315، ورقم: 124180.
والله أعلم.