الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، ثم اعلم بارك الله فيك أن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قد بينا طريق نيل محبة الله تعالى والقرب منه وتحصيل الزلفى لديه والأفضلية عنده بما لا يدع قولا لقائل، وذلك يكون بالمحافظة على الفرائض وعدم تضييع شيء منها، وترك المحرمات وعدم فعل شيء منها، ثم الاجتهاد في نوافل العبادات وترك المكروهات وفضول المباحات، وكلما أوغل العبد في العبودية واجتهد في الطاعة وبذل وسعه في مرضات الله عز وجل كلما زاد فضله وعظمت منزلته.
وتعداد ما شرعه الله من شعب الإيمان ومسالك الخير يطول جدا، وقد ألفت فيه مصنفات، وإنما يحصل لك معرفتها بالاجتهاد في طلب العلم، فبه تستطيع أن تعرف ما يقربك إلى الله تعالى، وتميز بين فاضل الأعمال ومفضولها فتفعل ما فضله أكبر وتشغل وقتك بما نفعه أعم، فالطريق إذاً يبدأ بتعلم العلم الشرعي الشريف، ثم الاجتهاد في العمل بهذا العلم وجعله واقعا ملموسا في حياتك، ثم الاجتهاد في الدعوة إلى الله تعالى وحمل الناس على مقتضى هذا العلم، ثم توطين النفس على الصبر على الأذى في هذا الطريق، وقد تضمنت ذلك كله سورة العصر وبينته أتم بيان، فإذا بذلت وسعك في هذه الأمور فأنت على خير ـ إن شاء الله ـ واجتهد في نفع الناس قولا وفعلا، والسعي في حوائجهم ومصالحهم، فخير الناس أنفعهم للناس.
وأما القانون: فإن كان المراد به القانون المستمد من الشريعة فطريق خدمة الناس به هو العمل به وتطبيقه ودعوة الناس إليه، وإن كان قانونا وضعيا فعليك أن تجتهد في بيان مخالفته للشريعة وفضل التشريع الإسلامي على غيره من الشرائع الوضعية وتبين عوار هذه القوانين وتدعو الناس إلى تركها ونبذها والعودة إلى تحكيم كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يهدينا وإياك لأرشد أمورنا.
والله أعلم.