الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما سؤالك الأول: فإنه يجزئ دفع الكفارة لأسرة تتكون من عشرة أفراد، ولا يشترط أن تعلم أنهم يأكلون منها جميعًا أو لا؛ لأن الواجب هو تمليكهم الطعام، وقد حصل بدفع الطعام إلى القائم على الأسرة، واختلف هل يجزئ الدفع لمن لم يكن قد أكل الطعام، فأجاز ذلك كثير من أهل العلم، ومنعه بعضهم، وبين ابن قدامة هذا فقال في المغني ضمن سياق شروط من تدفع إليه الكفارة: الرابع: أن يكونوا قد أكلوا الطَّعَامَ، فَإِنْ كَانَ طِفْلًا لَمْ يُطْعمْ، لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَقَوْلِ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى الْفَطِيمِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُطْعمْ، وَيَقْبِضُ لِلصَّغِيرِ وَلِيُّهُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمَذْهَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ مُحْتَاجٌ، فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ، وَلِأَنَّ أَكْلَهُ لِلْكَفَّارَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَهَذَا يَصْرِفُ الْكَفَّارَةَ إلَى مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، مِمَّا تَتِمُّ بِهِ كِفَايَتُهُ، فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ {المائدة: 89} وَهَذَا يَقْتَضِي أَكْلَهُمْ لَهُ، فَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ حَقِيقَةُ أَكْلِهِ اُعْتُبِرَ إمْكَانُهُ، وَمَظِنَّتُهُ، وَلَا تَتَحَقَّقُ مَظِنَّتُهُ فِيمَنْ لَا يَأْكُلُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ دَفْعَ حَاجَتِهِ؛ لَجَازَ دَفْعُ الْقِيمَةِ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْإِطْعَامُ، وَهَذَا يُقَيِّدُ مَا ذَكَرُوهُ. انتهى.
والحاصل أن الدفع إلى عائلة تتكون من عشرة أفراد جائز بغض النظر عن تحقق أكل جميع الأفراد من الكفارة، فتكفي مظنة ذلك، وانظر الفتوى رقم: 136146.
وأما سؤالك الثاني: فيرجى إدخاله كسؤال مستقل لتتسنى إجابتك عنه كما هي سياسة الموقع.
والله أعلم.