الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مخطئا في تحريم العسل على نفسه, وإنما فعل ذلك اعتقادا منه وجود رائحة فيه, كما صرح له بعض أزواجه بذلك، وكان صلى الله عليه وسلم حريصا ألا يوجد منه إلا ريح طيب، لأنه يناجي ربه ويناجي الملائكة, ووصفُه صلى الله عليه وسلم بالخطأ قلة أدب, ومناف لمكانته الرفيعة, وإنما نزلت آية التحريم عتابا له على تضييقه على نفسه, وتحريم بعض ما أحل الله له, كما نبه على ذلك العلامة ابن جزي في تفسيره، حيث قال: وأما تحريم العسل: فلم يقصد فيه رضا أزواجه، وإنما تركه لرائحته: وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ـ في هذا إشارة إلى أن الله غفر له ما عاتبه عليه من التحريم، على أن عتابه في ذلك إنما كان كرامة له، وإنما وقع العتاب على تضييقه عليه السلام على نفسه، وامتناعه مما كان له فيه أرب، وبئس ما قال الزمخشري في أن هذا كان منه زلة، لأنه حرّم ما أحل الله، وذلك قلة أدب على منصب النبوة. انتهى.
وقال ابن حجر في فتح الباري تعليقا على هذا الحديث: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح أي الغير الطيب، وفي رواية يزيد بن رومان عن بن عباس: وكان أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح سيئ، وفي رواية حماد بن سلمة: وكان يكره أن يوجد منه ريح كريهة، لأنه يأتيه الملك. انتهى.
وحول عصمة الأنبياء من الخطأ راجع الفتويين رقم: 6901, ورقم: 48422.
والله أعلم.