الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا خشيت أن يساء الظن بوالديك أو يكون في إخبارك بكونهما منعاك من الذهاب مثارا للعداوة أو قطيعة الرحم، فلا تخبر بذلك، ويسعك استعمال المعاريض، فإن فيها مندوحة عن الكذب، فلو سألك شخص ما الذي منعك من الحضور مثلا فقلت له: حصل ظرف طارئ أو نحو هذا من الكلام، لم تكن بذلك كاذبا، وكنت متلافيا لما عسى أن يحدث من الفساد والشر بإخبارك بالحقيقة، وكذلك ينبغي على خالتك إذا منعها زوجها من الذهاب إلى أخواته، وخشيت إن أخبرت بذلك من إثارة شحناء، ألا تخبر بذلك، وإذا سئلت فلها أن تستعمل المعاريض.
والخلاصة أن الذي ينجي من هذه الورطة هو استعمال المعاريض، ففيها مندوحة عن الكذب، وأما إن كان إخبارك بمنع أبويك لك وإخبار خالتك بمنع زوجها من زيارة أخواته، لا يترتب عليه شر، فليس هو من النميمة المحرمة ولا حرج فيه إذاً، قال الغزالي رحمه الله: اعلم أن اسم النميمة إنما يطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا، وليست النميمة مختصة به، بل حدها كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ سَوَاءٌ كَرِهَهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ أَوِ الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ، أَوْ كَرِهَهُ ثَالِثٌ. اهـ
والله أعلم.