الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا من الشرك أو الكفر، وليس مراد قائله إثبات قديم مع الله تعالى، وإنما أراد مخالفة القائلين بخلق القرآن من المعتزلة ومن وافقهم. ولكنه في المقابل وقع في بدعة سيئة باعتقاد أن الله تعالى إنما تكلم بالقرآن في الأزل، وأن القرآن قديم العين! وأما إن أراد بذلك أن القرآن كلام الله تعالى، وكلامه سبحانه غير مخلوق، بل هو صفة من صفاته كانت ولا زالت، فهو سبحانه لم يزل متكلما متى شاء سبحانه، بمعنى أنه لم يصر متكلما بعد أن لم يكن كذلك، فهذا المعنى صحيح وراجع في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 132146.
وقد سبق لنا بيان أن كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد، وأنه صفة ذاتية فعلية، وذلك في الفتويين رقم: 54133، ورقم: 35232.
وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ عن قول بعضهم: كلام الله قديم؟ فأجاب: هذه جاءَت في كلام بعض المشاهير، كالموفق ـ يعني ابن قدامة ـ وهي ذهول، وإلا فهو الأَول بصفاته، والذي تنطبق عليه النصوص أَن يقال: قديم النوع، حادث الآحاد، وليس المراد بالحدوث الخلق، بل وجود ما كان قبلُ غيرَ موجود، فالله كَلَّمَ، وَيُكَلِّمُ أَهل الجنة، وأَي شيء في هذا؟! بل هذا من لازم الكمال والحياة، فالحاصل أَن الصواب في هذا الباب أَنه أَول النوع حادث الآحاد، وأَول النوع أَسلم من قديم النوع. اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وأما وصف كلام الله بالقدم: فلم يعرف عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ولا عن أئمة السلف رحمهم الله، وإنما كان أهل السنة يقولون أيام المحنة: كلام الله غير مخلوق، ويقول مخالفوهم: كلام الله مخلوق، فوصف كلام الله بأنه قديم اصطلاح حادث، ولو جرينا عليه قلنا: كلام الله قديم النوع حادث الآحاد؛ لأن الله تعالى لم يزل متكلما، ولا يزال متكلما بما يشاء، وحتى أنه ليتكلم يوم القيامة مع المؤمنين والكافرين وغيرهم بما يشاء. اهـ.
والله أعلم.