الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن تعلم أن الأجل قد يفجؤك بغتة وأنت على هذه الحال المسخوطة لله تعالى فتسوء خاتمتك ـ والعياذ بالله ـ واحذر عاقبة المعاصي فإنها قد تجر إلى مثيلاتها وأضعافها حتى يألفها العبد وتشق عليه التوبة منها وتثقل عليه الطاعة ويصعب عليه فعلها، وقد يؤدي استرسال العبد معها إلى الطبع على قلبه حين تعلو تلك المعاصي قلبه بتتابع النكت السوداء فيه، فيكون ذلك الران الذي قال الله عز وجل: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين:14}.
فالحذر الحذر من المعاصي، وإياك أن تستهين بها أو تستصغرها، ولا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من بارزته بها جل وعلا، وننصحك في هذا الصدد بقراءة كتاب الداء والدواء لابن القيم ـ رحمه الله ـ فإنه ذكر من آثار المعاصي ما يحمل كل عاقل على تركها والإقلاع عنها، وأما أعمالك الصالحة، فإن الله لن يحرمك ثوابها ولن يضيع أجرها إذا وقعت على الوجه الذي يرضاه الله تعالى، كما قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:40}.
وقال جل اسمه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة:7-8}.
لكن الحذر الحذر من أن تكون ذنوبك ومعاصيك محبطات لأجر تلك الطاعات، فإنه كما تُذهب الحسنات السيئات، تُذهب السيئات الحسنات، وراجع الفتوى رقم: 180787.
والله أعلم.