الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الخواطر التي تنتاب قلبك من الخواطر الشيطانية، فهذا اللعين عدوك، يريد أن يغويك، ويقودك بهذه الخواطر إلى النار وبئس القرار، قال الله عز وجل: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}، فعند ورودها، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في مدافعتها، ولا تقنط من رحمة الله؛ فمغفرته أكبر من أن يعظم معها ذنب. قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}. وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
والقصر ليس بعيب يرد به الخطاب شرعا عن الزواج، وكل خلق الله حسن، كما ثبت بذلك الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده. ولا تلتفت إلى هذا الشعور بكونك إنما خلقت لإزعاج الآخرين، بل خلقت لتعبد الله عز وجل، وتتمتع بما يتمتع به الآخرون من متع الدنيا المباحة، ومن ذلك أن تكون لك زوجة تعف بها نفسك، وترزق منها ذرية طيبة.
وإن كان أهل زوجتك يتدخلون بينك وبين زوجتك على الوجه الذي ذكرت، ويحرضونها على ترك البيت، فهذا أمر منكر، وفيه ظلم لك ولزوجتك، ولا نستطيع الجزم بأن الله سيعاقبهم على ذلك في الدنيا أو في الآخرة؛ لأن هذا من الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله، وقد يعاقبهم عليه، فالأمر إليه سبحانه. ولو أنك عفوت عنهم، فالعفو أفضل، وراجع في فضله الفتوى رقم: 27841.
ولست ملزما بأن تطلق زوجتك، خاصة وأنها راغبة في البقاء في عصمتك، ولا يلزمها طاعة والديها في فراقك للسبب المذكور. فإن أصر أهلها على طلاقها، فارفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لترجعها إلى بيت الزوجية. وننصح قبل ذلك بتدخل العقلاء من أهلك، وأهلها للإصلاح.
ونوصيك بكثرة الدعاء، وصدق الالتجاء إلى رب الأرض والسماء في جميع شؤونك، فهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. يسر الله أمرك، وفرج كربك.
والله أعلم.