الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبه -أولا- إلى أن دعاء الاستخارة لا يكون بعد الفريضة، أي لا يصح أن يُكتَفى بالفريضة عن صلاة ركعتي الاستخارة، بل لا بد أن يأتي المستخير بركعتين من غير الفريضة، كما صرح بذلك عليه الصلاة السلام، فقد أخرج البخاري والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك ... الخ
وجاء في فتح الباري لابن حجر: قوله: من غير الفريضة. فيه احتراز عن صلاة الصبح مثلا. اهـ.
وما حصل معك ليس مبطلا للصلاة؛ لكونه مجرد خاطر خطر عليك في أثناء الصلاة، فلا يبطل صلاتك، بل لو فرضنا أنك صليت الفجر بنية الفرض، ونية الاستخارة معا، فالذي يقتضيه كلام أهل العلم أن صلاة الفرض لا تبطل أيضا؛ لأن صلاة الاستخارة شبيهة بتحية المسجد، من حيث كون كل منهما عبادة غير مقصودة لذاتها، وقد نصوا على صحة صلاة من أشرك في نيته بين الفرض وتحية المسجد.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: لو أحرم بصلاة ينوي بها الفرض وتحية المسجد صحت صلاته، وحصل له الفرض والتحية جميعا، واتفق أصحابنا على التصريح بحصول الفرض والتحية, وصرحوا بأنه لا خلاف في حصولهما جميعا، ولم أر في ذلك خلافا بعد البحث الشديد سنين. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 164347
والله أعلم.