الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نقف على نص في تضرر الملائكة بالتدخين، ولكنه ثبت في السنة ما يدل على أن الملائكة تتأذى من الروائح الكريهة، ولا شك أن التدخين من الروائح الكريهة.
فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أكل من هذه البقلة ـ الثوم ـ وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. متفق عليه.
قال الإمام العيني في شرحه على صحيح البخاري: قلت: علة النهي أذى الملائكة وأذى المسلمين. اهـ
وقد ألحق أهل العلم بالثوم كل ما له رائحة كريهة، قال النووي في المجموع: يكره لمن أكل ثوما, أو بصلا, أو كراثا, أو غيرها مما له رائحة كريهة, وبقيت رائحته, أن يدخل المسجد من غير ضرورة, للأحاديث الصحيحة في ذلك, منها حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أكل من هذه الشجرة ـ يعني الثوم ـ فلا يقربن مسجدنا} رواه البخاري, ومسلم, وفي رواية مسلم: "مساجدنا" وعن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلين معنا} رواه البخاري ومسلم, وعن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من أكل ثوما, أو بصلا فليعتزلنا, أو فليعتزل مسجدنا} رواه البخاري ومسلم, وفي رواية لمسلم: {من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا; فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم}... اهـ
وقد ألحق المتأخرون الدخان بما يتأذى منه، ومن المعلوم أن الدخان لم يظهر إلا في القرون المتأخرة، قال ابن عابدين ناقلا عن الطحطاوي: إن الدخان ملحق بالبصل والثوم في هذا الحكم . وقال الشيخ عليش المالكي: لا شك في تحريم شرب الدخان في المساجد والمحافل؛ لأن له رائحة كريهة, ونقل عن مجموع الأمير في باب الجمعة: أنه يحرم تعاطي ما له رائحة كريهة في المسجد والمحافل، وفي الشرواني على تحفة المحتاج: يمنع من دخول المسجد ذو الرائحة الكريهة, كآكل البصل والثوم, ومنه ريح الدخان المشهور الآن، كذا في الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.