الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل لله أن يهدي أخاك، ويرده إلى طريق البر والصلة، ويصرف عنه مساوئ الأخلاق والأدواء.
وأما عن نهيك له عن زيارة والديه؛ فكان ينبغي أن تأمريه أولا بأن يتقي الله فيهما ولا يؤذيهما إذا زارهما؛ فإن وجدت أن الزيارة يقترن بها غالبا أذى لهما؛ فلا حرج عليك في نهيه عنها، لكف أذاه وعقوقه.
أما وقد حصلت القطيعة، فينبغي أن تحثيه على الاتصال بوالديه وزيارتهما، ولو على فترات متباعدة حتى لا تتأثر الأم والأب بذلك.
وعليك أن تذكريه بحقوق البر والصلة، فحق الوالدين عظيم، وإذا كان الله عز وجل قد نهانا عن التأفيف، فكيف باحتقار الأم؟! ولتراجعي الفتوى رقم: 19857.
وقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
وأوصانا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بصلة من يقطعنا فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفّهم الملّ: تطعمهم الرماد الحار.
فصلوا أخاكم، واسعوا إلى تقويمه بلينٍ ورفق، وادفعوا سيئته بالحسنة، وثقوا أنكم إن فعلتم فسيزول ما بينكم من الشحناء، وتُبدل الضغينة بالتراحم والمحبة، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
وننصحك بمراسلة قسم الاستشارات من موقعنا بخصوص هذه الحالة.
والله أعلم.