الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من أخذ تلك الأموال بغير حق، والتصرف فيها دون إذن أصحابها، ويجب أن تردها لأصحابها، أو تستحلهم منها، وهذا بالنسبة لمن تعرفهم ويمكنك الوصول إليهم.
أما من لا يمكنك الوصول إليهم: فإنك تتصدق بها عنهم مع ضمانها، فإن وجدتهم فيما بعد خيّرتهم بين إمضاء الصدقة ويكون أجرها لهم، وبين ردّ الحق ويكون أجر الصدقة لك؛ قال ابن القاسم في حاشيته على الروض المربع: الرهون، والودائع، ونحوهما من سائر الأمانات، والأموال المحرمة، كالسرقة، والنهب، إذا جهل أربابها دفعها للحاكم، أو تصدق بها عن ربها، بشرط ضمانها له؛ لأنه في الصدقة بها عنه جمع بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته، ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له. اهـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: يجب رد المال المقترض إلى صاحبه إن كان حيًّا، ويمكن السؤال عنه، وعن مقره عن طريق أقاربه، وإن تعذر ذلك فيسلم إلى ورثته إن وجدوا، وإن تعذر ذلك فيتصدق به عنه، ثم إن لقيته بعد ذلك أخبره بما فعلت، فإن رضي، وإلا ادفع إليه حقه، ويكون أجر المال المتصدق به لك. اهـ.
واعلم أن حرمة الأموال تشمل قليلها وكثيرها؛ جاء في فتح الباري لابن حجر: قوله: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس. فإنه يتناول القليل والكثير؛ إذ لا قائل بحِلّ القليل دون الكثير. اهـ. وبالتالي فكون تلك الأموال يسيرة أو كون أصحابها لن يغضبوا منك إذا علموا لكونها قليلة لا يعفيك مما تقدم بشأنها.
كما أن الخجل ليس مبررًا لعدم ردّها إليهم، ولكن يمكنك إن أردت أن تردها بطريقة غير مباشرة حتى لا يفتضح أمرك، وراجع الفتوى رقم: 117637.
والله أعلم.