الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالشيء المستقذر هو ما تعافه طباع الناس عادة, وقد يكون الشيء مستقذرًا عند شخص أو في بلد، وهو غير مستقذر عند قوم آخرين، وفي هذه الحال يرجع في تحديد الاستقذار إلى العرف؛ لأن كل ما لم يرد تحديده في الشرع فالعرف يحدده؛ قال ابن عثيمين في الشرح الممتع: وكل شيء يأتي به الشرع من غير تحديد، فإنه يرجع فيه إلى العرف... اهـ. وراجع الفتوى رقم: 133347.
وإذا تقرر أن الشيء مستقذر، سواء كان استقذاره معلومًا من الشرع كالنجاسات، أو كان مستقذرًا عرفًا، فإنه يجب إبعاده عن المصحف، سواء كان رطبًا, أو يابسًا؛ لأن المدار إنما هو على الاستقذار. وكون المستقذر اليابس لو لمس به المصحف لا يبقى أثره، ولا يعلق به شيء منه، فهذا أخف مما لو لمسه بما يبقى أثره به، كما بيّنّا في الفتوى رقم: 215881.
وأما شاشة التلفاز أو الجوال: فليس لها حكم المصحف وإن ظهر مكتوبًا أو متلوًّا مقروءًا عليها، لكن حال ظهوره على الشاشة فلا يوضع عليها ما يشي بالاستخفاف به والاستهانة.
وأما وضع طعام مقابلها، وقد ينتقل منه شيء إليها، فهل يحترز من ذلك؟ فالجواب: أن هذا أقرب إلى التنطع والتكلف، ولا يجب، فالجهاز ليس مصحفًا، ووضع شيء مقابله ولو مستقذرًا لا علاقة له به، ولو فرضنا انتقال شيء مستقذر على الشاشة التي يظهر بها أحرف القرآن، فيزال المستقذر، ولو لم يكن مستقذرًا كأثر طعام فالأمر أخف، وينبغي أن يزال أيضًا صيانة للطعام، واحترامًا لما يظهر أو يتلى في التلفاز أو الجهاز، وكل ما فيه تعظيم واحترام وإجلال لكتاب الله مما ينبغي أن يحرص عليه المسلم دون تنطع أو تكلف ونحوه.
وقد تقدم لنا جواب باقي أسئلتك، وواضح من أسئلتك هذه وما قبلها أنك مصاب بالوسوسة، فنصيحتنا أن تعرض عن الوساوس وتلهو عنها، وألا تعيد الأسئلة بشأنها؛ فإن ذلك لا يزيدك إلا مرضًا.
والله أعلم.