الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالركعات المشار إليها ورد في بعض الأحاديث أنه ليس بينها تسليم، وفي بعضها أنها بتسليمة واحدة؛ جاء في سنن الترمذي عن عبد الله بن السائب أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ»... وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الزَّوَالِ، لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ» قال الألباني في السلسلة الصحيحة: وإسناد الحديث جيد، وهو على شرط مسلم.
وفي مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَدْمَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّكَعَاتُ الَّتِي أَرَاكَ قَدْ أَدْمَنْتَهَا قَالَ: «إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَلَا تُرْتَجُ حَتَّى يُصَلَّى الظُّهْرُ، فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا خَيْرٌ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقْرَأُ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ؟ قَالَ: قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: قُلْتُ: فَفِيهَا سَلَامٌ فَاصِلٌ؟ قَالَ: «لَا». قال الأناؤوط: حسن لغيره.
وفي سنن أبي داود أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ، تُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ» قال الألباني: حسن. وعلى هذا فإن هذه الركعات تصلى بتسليمة واحدة.
وقد ورد في بعض الأحاديث أنها تعدل قيام الليل؛ فروى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان أن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ يُعْدَلْنَ بِصَلَاةِ السَّحَرِ" حسنه الألباني. وفي رواية: وَلَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَهُوَ يُسَبِّحُ اللهَ تِلْكَ السَّاعَةَ.
وروى الطبراني في الأوسط أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ بِهِنَّ مِنْ لَيْلَتِهِ" قال عنه الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب: ضعيف.
قال ابن القيم في زاد المعاد: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي بَعْدَ الزَّوَالِ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، وَيَقُولُ: إِنَّهُنَّ يَعْدِلْنَ بِمِثْلِهِنَّ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَسِرُّ هَذَا ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ـ أَنَّ انْتِصَافَ النَّهَارِ مُقَابِلٌ لِانْتِصَافِ اللَّيْلِ، وَأَبْوَابُ السَّمَاءِ تُفَتَّحُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَيَحْصُلُ النُّزُولُ الْإِلَهِيُّ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ، فَهُمَا وَقْتَا قُرْبٍ وَرَحْمَةٍ، هَذَا تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَهَذَا يَنْزِلُ فِيهِ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا"
والله أعلم.