الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسن أن تكون ممن يحب الله تبارك وتعالى، وكونك تذكّر نفسك بالله تعالى، وبالخوف منه لتخمد نار الفتنة في قلبك، فهذا من أعظم ثمرات محبته سبحانه، قال الغزالي في إحياء علوم الدين، وهو يبين علامات محبة العبد لربه: أن يكون مؤثرًا ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه، فيلزم مشاق العمل، ويجتنب اتباع الهوى، ويعرض عن دعة الكسل، ولا يزال مواظبًا على طاعة الله، ومتقربًا إليه بالنوافل، وطالبًا عنده مزايا الدرجات، كما يطلب المحب مزيد القرب في قلب محبوبه، وقد وصف الله تعالى المحبين بالإيثار، فقال: يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. ومن بقي مستقرًّا على متابعة الهوى فمحبوبه ما يهواه، بل يترك المحب هوى نفسه... اهـ.
والإقامة في بلاد الكفر، والدراسة في المدارس والجامعات المختلطة سبب لكثير من البلاء، وفتح باب الفتنة على النفس؛ ومن هنا شدّد العلماء في أمرهما، ولم يرخصوا في ذلك إلا للضرورة، أو الحاجة الشديدة، ونرجو مطالعة الفتويين رقم: 144781، ورقم: 5310.
وفتنة قلبك بهذه الفتاة خير شاهد على بعض الآثار السيئة للدراسة المختلطة، ولا حرج في أن تنوي بقلبك الزواج منها إذا أسلمت، فالزواج يطفئ نار الشهوة في القلب، وهو من أعظم ما يكون علاجًا للعشق، كما بيناه في الفتوى رقم: 9360.
ولعل من المناسب أن نذكر هنا قصة إسلام أبي طلحة، التي رواها النسائي عن أنس - رضي الله عنه - قال: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: والله، ما مثلك يا أبا طلحة يرد، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري، وما أسألك غيره، فأسلم، فكان ذلك مهرها، قال ثابت: فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرًا من أم سليم ـ الإسلام ـ فدخل بها، فولدت له. وقد ترجم عليه النسائي بابًا أسماه: التزويج على الإسلام.
ودعوتك لهذه الفتاة لتسلم ثم تتزوجها: جائزة بشرط انضباطك في ذلك بالضوابط الشرعية، ولكن الأولى -وطلبًا للسلامة- أن تتم دعوتها من قبل نساء مثلها، ويتولى الرجل دعوة الرجال، وراجع الفتوى رقم: 99911.
ومما جعلنا نؤكد هذا الأمر أنه ترد إلينا حالات كان أصحابها يحادثون النساء بغرض الدعوة إلى الله تعالى، ثم لم يلبث أن تغير الأمر، ووقعوا فيما حرم الله تعالى، كما هو حال صاحب الفتوى رقم: 132011.
والله أعلم.