الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمما ورد في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لمحارمه، وسلامه عليهن: ما جاء في سنن الترمذي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا، وَدَلًّا، وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللهِ فِي قِيَامِهَا، وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا، فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا ...
وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ كَلَامًا، وَحَدِيثًا مِنْ فَاطِمَةَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَحَّبَ بِهَا، وَقَامَ إِلَيْهَا، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، فَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ. هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وأمّا مصافحتك خالتك، ونحوها من المحارم: فجائزة، وتجوز المعانقة، والتقبيل -في غير الفم-عند القدوم من السفر، ونحوه، وكل ذلك حيث انتفت الريبة، وأمنت الفتنة؛ جاء في الآداب الشرعية: قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُقَبِّلُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ؟ قَالَ: إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ. قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهوَيْهِ: كَمَا قَالَ {النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ مِنْ الْغَزْوِ، فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ}، وَلَكِنْ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا، الْجَبْهَةِ، أَوْ الرَّأْسِ. وانظر الفتوى رقم: 77365.
والله أعلم.