الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت محتاجًا إلى السفر، وتتأذى بتركه، فنرجو ألا يكون عليك حرج في السفر بغير رضا أمّك؛ قال الأنصاري (الشافعي): "أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ، وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ" شرح البهجة الوردية - (18 / 357).
وقال القرافي: "وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ (السفر) دَفْعَ حَاجَاتِ نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَرَكَهُ تَأَذَّى بِتَرْكِهِ كَانَ لَهُ مُخَالَفَتُهُمَا؛ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». وَكَمَا نَمْنَعُهُ مِنْ إذَايَتِهِمَا نَمْنَعُهُمَا مِنْ إَذايَتِهِ". [الفروق للقرافي 1/ 146].
لكن الذي ننصحك به أن تجتهد في إقناع أمّك بحاجتك إلى السفر وتأذيك بتركه، وتسترضيها بكل سبيل مشروع، فإن رضيت بسفرك وإلا فاصبر واحتسب الأجر، واجتهد في السعي إلى الكسب الحلال في بلدك؛ لعلّ الله يوسع عليك، ويرزقك من حيث لا تحتسب.
وعلى أية حال؛ فإن عليك برّ أمك والإحسان إليها بما تقدر عليه، واعلم أنّ برّ الأمّ من أفضل القربات، ومن أعظم أسباب رضوان الله على العبد وتوفيقه لما فيه خير الدنيا والآخرة.
والله أعلم.