الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما ذكر في هذا السؤال واقعا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإن هذا يدل على جهل واستخفاف بأمر خطير وهو أمر الفروج، فمن الواجب الاحتياط فيها ما لا يحتاط في غيرها، وقد قرر الفقهاء أن الأصل في الأبضاع التحريم، وخروج هذه المرأة من بيت زوجها ابتداء إن لم يكن لها عذر فيه، نشوز ومعصية لربها عز وجل، وتفريط في حق زوجها، ولذا جاء الشرع بتأديب مثلها من قبل زوجها، كما قال تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34}.
وتراجع الفتويان رقم: 1103، ورقم: 69.
وإن لم يطلقها زوجها أو يطلقها عليه قاض شرعي، فإنها لا تزال في عصمته، وكون المرأة تحت زوج، فهذا مانع من موانع زواجها من آخر حتى يطلقها وتنقضي عدتها، قال تعالى عند ذكر المحرمات من النساء: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ{النساء:24} أي المتزوجات.
وإن كانت تعلم حرمة ذلك، فإنها زانية، ولا يحكم عليها بالردة أو الكفر لمجرد هذا الفعل إلا أن تستحله، ونكاحها من الثاني ومن بعده باطل، وهي على عصمة زوجها الأول، فإن تابت إلى الله تعالى فذاك، وإلا فلا ينبغي لزوجها أن يبقي مثلها في عصمته، ففراق مثلها مطلوب، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ عند كلامه على أقسام الطلاق: والرابع : مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه......... ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب. اهـ.
وتنظر الفتوى رقم: 173269، وهي بعنوان: ما يفعل الزوج إن تزوجت امرأته وهي في عصمته ثم عادت إليه.
والسبيل لفراقه لها أن يطلقها أو يخالعها، والخلع هو الطلاق في مقابل عوض، قال ابن كثير في معنى قوله: إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {النساء: 19} قال ابن مسعود وابن عباس: يعني بذلك الزنا، يعني إذا زنت فلك أن تسترجع منها الصداق الذي أعطيتها وتضاجرها حتى تتركه لك وتخالعها.. وقال ابن عباس وعكرمة والضحاك: الفاحشة المبينة النشوز والعصيان، واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله الزنا والعصيان والنشوز وبذاء اللسان وغير ذلك، يعني أن كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها، وهذا جيد. انتهى.
والله أعلم.