الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك على حفظ القرآن وتدبره وتفهمه.
وعلى كل حال، فحفظ القرآن من أجل العبادت، كما في الحديث: يقال لصاحب القرآن يوم القيامة: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها. رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وصححه الألباني.
وحفظ ثلاث آيات مع التفهم أفضل من تكثير الحفظ بلا فهم، فإن التدبر هو المقصود الأعظم، كما بينا في الفتوى رقم: 25371.
وهذا التدبر لا يحصل إلا بالفهم ومعرفة المعاني والتفسير، قال ابن جرير رحمه الله تعالى: إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذ بقراءته؟!!.
فحفظ الآيات بلا فهم لا يمكن معه التدبر المذكور، ومما يدل على تفضيل تقليل مقدار المحفوظ مع تدبره، وتفهمه ودراسته على تكثير المحفوظ بلا تفهم أنه حال الصحابة، وانظري الفتوى رقم: 36080.
فإن شق على من يحفظ متابعة التفسير، والفهم، فليجتهد في الحفظ، ثم يرجع للفهم بعد ذلك، وانظري الفتوى: 124448.
ولا يفوتنا أن ننبهك على أن تجمعي إلى الحفظ والتفسير والتفهم الاجتهاد في العمل بالقرآن، أخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا أنهم كانوا إذا علموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا.
فقراءة السلف للقرآن كانت وسيلة لفهمه وتدبره والفقه فيه والعمل به، قال الحسن البصري: نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملا.
وراجعي الفتوى رقم: 205798.
والله أعلم.