الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقبل أن نجيب على السؤال ننبه إلى أنه يجب على كل مسلم مكلف أن يتعلم ما يؤدي به فرض العين؛ كالصلاة، والزكاة، والصيام، ونحو ذلك؛ يقول ناظم الأخضري في فقه العبادات، وهو مالكي:
أول واجب على من كلفـــــــا تصحيحه إيمانه ويعرفا.
مصلح فرض العين كالأحكام للطهر والصلاة والصيام. اهـ
ومن ثم فما دام السائل قد حباه الله مالًا، فعليه تعلم أحكام زكاة ذلك المال، والسؤال عما لا يعلم منها؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}.
وحيث قصر في ذلك، وأخّر الزكاة جهلًا، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يسقط جهله الزكاة الواجبة عليه وإن أخرها سنين؛ لأنها دَين في ذمته لا يبرأ إلا بقضائه.
وفي زكاة الأسهم تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 162451، والفتوى رقم: 186.
وكون الأسهم خاسرة جدًّا لا يسقط الزكاة إن كانت واجبة فيها؛ فجمهور أهل العلم يوجبون الزكاة في عروض التجارة الكاسدة، كما بيناه في الفتوى رقم: 156253.
وكيفية إخراج الزكاة عن السنوات السابقة سبق بيانها في الفتوى رقم: 284167، والأمر أيسر فيما يتعلق بالأسهم، إذ يمكن السائل معرفة عددها وقيمتها في كل سنة بمراجعة كشف حسابه في الشركة، ويخرج الزكاة عن كل سنة بناء على ذلك، وإن لم يتمكن من هذا، فليجتهد وليتحرَّ ما يغلب على ظنه أنه لزمه من الزكاة، وبذلك تبرأ ذمته؛ لأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وهذا هو وسعه.
وبالنسبة للدَّين: فقد بيّنّا بالفتوى رقم: 105600 أنه يسقط وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهي: الذهب، والفضة، والنقود، وعروض التجارة.
ومن ثم فإن كان بعد خصمه لا يبقى نصاب تام فلا زكاة عليه، إلا إذا كان عند السائل من الأموال التي لا تجب فيها الزكاة فائض عن حوائجه الأساسية، فإنه يجعله في مقابل الدَّين، ويُخرج زكاة الأسهم أو ريعها على التفصيل المتقدم، وانظر الفتوى رقم: 231907، وتوابعها.
والواجب إخراج الزكاة على الفور وعدم تأخيرها لغير عذر، ومن لم يقدر على إخراجها دفعة واحدة فلا مانع من تقسيطها، وانظر الفتوى رقم: 68961.
والله أعلم.