الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل بقاء العصمة الزوجية حتى يحصل ما يقتضي زوالها من فسخ أو طلاق.
وما حصل هنا من هذا الرجل هو أنه علق طلاق زوجته على شرط دفعها مبلغًا معينًا، فيقع الطلاق بتحقق الشرط، وهو دفعها المبلغ المذكور، ويبقى ههنا سؤال وهو: هل تمكينه من هذا المبلغ يقوم مقام القبض فيكون قد تحقق الشرط فيقع الطلاق أو لا يقوم مقام القبض فلا يقع الطلاق؟ لم نعثر -بعد البحث- على كلام للفقهاء بهذا الخصوص، ولكن قد ذكر الفقهاء في بعض المواضع أن التمكين يقوم مقام الاستيفاء؛ ففي منح الجليل عن الكلام عن رجوع الرجل بما أنفق على المرأة حال كون التعذر من قبله: وإن كان التعذر من قبله، فلا رجوع له عليها؛ لأن التمكين كالاستيفاء. اهـ.
وفي باب النفقات ذكر الفقهاء أن نفقة الزوجة تجب بتمكينها زوجها من نفسها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 206911، وكذا الحال في باب البيوع والإجارة؛ يقوم التمكين مقام القبض، ويمكنك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 72824، والفتوى رقم: 308890. وبما أن هذه من قضايا المنازعات فالأولى الرجوع للقضاء الشرعي أو ما يقوم مقامه.
ولا يتعين أن يحكم في القضية القاضي المذكور، وإن كان ممن يحكم بالقوانين الوضعية فيحرم التحاكم إليه لغير ضرورة، ولا ينفذ الطلاق الذي يصدر من قبل هذه المحاكم، ويرجى مراجعة الفتويين: 182851 ، 31739.
وليبحث عن غيره ممن له حق النظر في قضايا المسلمين هنالك؛ كالمراكز الإسلامية، فإن لم توجد فلأي عالم شرعي موجود هنالك ليزال الضرر عن هذه المرأة.
وفي نهاية المطاف: إن كانت ثمة ضرورة لرفع الأمر للمحكمة الوضعية فلا حرج في ذلك، هذا مع التنبه إلى أن أي طلاق توقعه تلك المحاكم الوضعية فإنه طلاق غير شرعي ما لم يصدر من الزوج.
وننبه إلى أن هذه القضية تبين خطورة إرغام المرأة على الزواج ممن لا ترغب فيه، وتراجع الفتوى رقم: 3006.
وما أقدم عليه هذا الرجل من محاولة إحراق زوجته، وما حصل منه من إحراق قريبتها لهو منكر عظيم، وقتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 11470.
والله أعلم.