الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأَولى هو إدخالهم في هذا المركز؛ لأن المزيد من التعلم أدعى لمعرفتهم بالمنهج الصحيح، ولا سيما إن كانت كتب المنهج الصحيح مقررة في المركز الذي يدرسون به، وكان مدرسوها أكفاء للمادة، فكم من الناس تغيرت نظرتهم في المسائل العقدية بعد مطالعة كتاب التوحيد؛ فقد قال الشيخ محمد امان الجامي -رحمه الله تعالى- في كتابه (مشاكل الدعوة والدعاة في العصر الحديث ص: 45): حدثني من أثق به أنه كان يوجد في بعض مدن الهند عالم يدرس في المساجد، وكان من عادته إذا انتهى من الدرس يدعو الله كثيرًا، وكان في دعائه أنه يدعو على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويلعنه.
وكان ممن يحضر درسه طالب سعودي واع، ولبق، فكر الطالب السعودي كيف ينقذ هذا المدرس المسكين الذي ضللته الدعاية المضللة حتى وقع في هذه الورطة، فهداه تفكيره -بإذن الله- إلى الحيلة الآتية: عمد إلى كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد. فنزع عنه الغلاف، والورقة الأولى التي تحمل اسم المؤلف، ثم تقدم إلى المدرس الهندي، فطلب منه أن يقرأ هذا الكتاب، ثم يخبره عن مضمونه، وما رأيه فيه.
فأخد المدرس الكتاب، فقرأه، فأعجب به، فسأله الطالب في غد عن الكتاب، فأخذ المدرس يثني على الكتاب ثناء عظيمًا، ويصفه بأنه من أحسن الكتب في بابه، فقال الطالب السعودي: إن مؤلف هذا الكتاب هو محمد بن عبد الوهاب الذي تلعنه، فقدم له الغلاف، والورقة المنزوعة التي فيها اسم الشيخ، فاندهش المدرس، فتندم، وأخذ يدعو للطالب، ثم غير موقفه مع الشيخ، بل غير أسلوب الدعاء؛ فجعل يدعو للشيخ آخر كل درس بدلًا من الدعاء عليه، فنسأل الله تعالى أن يعفو عنه. اهـ.
والله أعلم.