الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك، وأن يهدي أختيك، ويصلحهما، وما ذكرت مما دار بينك وبينهما من مسائل فالصواب معك إلا في طريقة إنكارك عليهما، فينبغي أن يكون بالقول اللّيّن.
والذي ننصحك به -بعد تقوى الله تعالى-: هو متابعة النصح لأختيك بطريقة ودية، ورفق، ولين، وموعظة حسنة، وأن تبتعدي عن القسوة والشدة في دعوتهما، فهذه أنجع طريقة كما أرشد القرآن الكريم؛ قال الله -عز وجل-: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل: 125}.
فلا تتركي النصح لهما، ولا تملّي من ذلك؛ فإن النصيحة أساس الدين، وأحق الناس بها أقربهم إليك، وينبغي أن تنوعي طريقتك في النصح، وتغيري أساليبها، وتستخدمي فيها كل ما يؤثر عليهما من القصص، ومن الترغيب والترهيب، والحجج العقلية. وإذا لم تلقي الاستجابة منهما فلا تيأسي، ولتعلمي أن كل ما بذلت وتبذلينه من جهد فإنه في ميزان حسناتك عند الله تعالى.
ومن الأهمية بمكان: التحلي بالصبر في هذا الأمر اقتداء بأولي العزم من الرسل؛ فقد قال الله تعالى مخاطبًا رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم-: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ {الأحقاف:35}. كما بيّن الله تعالى ما قام به نوح -عليه الصلاة والسلام- من صبره على دعوة قومه إلى الحق مع عنادهم وابتعادهم عن قبول ما يدعوهم إليه من عبادة الله وتوحيده، حيث قال: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً* ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً* ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً {نوح:9:5}.
فأنتِ إذًا في امتحان أتصبرين على دعوة أختيك أم تضجرين وتتركين؟! فعليك بالصبر مع الاجتهاد في الدعاء لهما بالاستقامة؛ عسى الله تعالى أن يوفقهما للهداية، فيكون ذلك في ميزان حسناتك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه-: فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
وقد تضمن سؤالك أمورًا أخرى كثيرة نحيلك في الجواب عنها إلى الفتاوى التالية أرقامها: 25611، 24438، 167483، 231541، 196755، 132938، 24491، 66905.
والله أعلم.