الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله مما ذكرت صحيح، وهو مما تؤجر عليه، وبقدر ما يلحقك من النصب والمشقة في أداء ما افترض الله عليك أنت وأبوك يزيد أجركما ويعظم ثوابكما، ولكن إذا خفت على نفسك من المرض إذا اغتسلت فلك رخصة في أن تتيمم وتدع الغسل ريثما يزول البرد وتقدر على الاغتسال من غير ضرر، فإذا خفت حصول المرض فاغسل ما تقدر على غسله ثم تيمم عن الباقي؛ قال في كشاف القناع: (أو) أي: ويصح التيمم (لخوف ضرر باستعماله) أي: الماء (في بدنه من جرح) لقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29] ولحديث جابر في قصة صاحب الشجة. رواه أبو داود، والدارقطني. وكما لو خاف من عطش أو سبع، فإن لم يخف من استعمال الماء لزمه كالصحيح (أو) من (برد شديد) لحديث عمرو بن العاص قال: «احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: ذكرت قول الله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} [النساء: 29]. فضحك ولم يقل شيئًا». رواه أحمد، وأبو داود. (ولو) كان خوفه على نفسه من البرد (حضرًا) فيتيمم دفعًا للضرر كالسفر، وليس المراد بخوفه الضرر أن يخاف التلف، بل يكفي أن (يخاف منه نزلة أو مرضًا ونحوه) كزيادة المرض، أو تطاوله، فيتيمم (بعد غسل ما يمكنه) غسله بلا ضرر، والمراد أنه يغسل ما لا يتضرر بغسله ويتيمم لما سواه. انتهى.
وحينئذ فإنك تصلي بالتيمم وتصح صلاتك، ولا تكون تاركًا للفرض، وهذا من يسر الشريعة ورفعها الحرج عن المكلفين.
والله أعلم.