الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيغة المذكورة ليست صيغة نذر، لأنها لا تفيد الالتزام، والسائلة لم تقصد بها النذر كما يفهم من كلامها.
وبالتالي فهي وعد، قال ابن قدامة: وصيغة النذر أن يقول: لله علي أن أفعل كذا، وإن قال: علي نذر كذا، لزمه أيضا، لأنه صرح بلفظ النذر، وإن قال: إن شفاني الله, فعلي صوم شهر، كان نذرا. اهـ.
ويقول بهرام المالكي: النذر: التزام مكلف تأهل للعبادة ولو في غضب على المعروف. اهـ
وفي التذكرة في الفقه الشافعي لابن الملقن: النذر التزام مكلف مسلم قربةً. اهـ
وحيث كانت وعدا فلا يترتب على الإخلال به كفارة.
لكن يجب على المرء ـ على كل حال ـ أن يكون من الصالحين بفعل ما أوجب الله عليه وترك ما حرم، وإذا حصل منه تقصير فعليه أن يتداركه وأن يتوب إلى الله منه، وبذلك يكون من عباد الله الصالحين المتقين الذين إذا أذنبوا استغفروا وتابوا؛ كما قال الله تعالى في شأنهم: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {آل عمران: 135 - 136}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك. رواه البخاري ومسلم، واللفظ له.
والله أعلم.